نبذه عن الامير خالد بن الوليد ~ مدونة الخوالـــــــد

نبذه عن الامير خالد بن الوليد


نبذه عن الاميرخالد بن الوليد
Free Counter

نســب خــالـد:
         هو أبو سليمان ويكني أبا الوليد أيضاً خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة وبه يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما أمه فهي لبابة الصغرى بنت الحارث من بني هلال بن عامر وهي أخت ميمونة أم المؤمنين وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب وأم أولاده الفضل وقثم وعبد الله وعبد الرحمن ، وأخت أسماء بنت عميس الخثعمية لامها تزوجت أسماء جعفر ابن أبي طالب فولدت له عبد الله ومحمداً وعوناً فلما استشهد في غزوة مؤته تزوجها أبو بكر فولدت له محمداً فلما مات عنها تزوجها علي أبي طالب فولدت له يحيى فمن هذا تظهر علاقة خالد بالهاشميين ولكن لم يظهر لها أثر محسوس أصلاً .

أسرة خالد ومالها في الجاهلية من الحقوق

      يدلك على مكانها أن قريشاً لما طلبت تخليص العير التي من أجلها نشبت حروب بدر الكبرى جاء الأخنس بن شريق قائد بني زهرة إلى أبي جهل ابن هشام بن المغيرة ولما اختلى به سأله قائلاً أترى محمداً يكذب ؟ فقال أبو جهل ماكذب قط وكنا نسميه الأمين ولكن اذا كان في بني هاشم السقاية والرفادة والمشورة ثم تكون فيهم النبوة فأي شيء لبني مخزوم ؟ .
         فمن هذا يتبين أن بني مخزوم يرون أنفسهم في درجة بني هاشم فإن أبا جهل ابن عم خالد، ويقول أمية بن خلف لسعد بن معاذ سيد الأوس حينما نزل عليه وتناقش مع أبي جهل ورفع صوته عليه إن منعتني هنا لأ منعنك ما هو أعظم من ذلك من طريقك على المدينة: لاترفع صوتك على أبي الحكم ـ أبي جهل ـ فإنه سيد أهل الوادي كما في السيرة الحلبية ومع هذا فكان الوليد هو المقدم على بني مخزوم وكان من عظماء قريش وكان في سعة من العيش ويطعم الناس أيام منى وينهي أن توقد نار لاجل طعام غير ناره وكان ينفق على الحاج نفقة واسعة ويقال له ريحانة قريش، قال ابن الأثير : وهو العدل لأنه كان عدل جميع قريش في كسوة الكعبة فتكسوها قريش عاماً وهو وحده يكسوها عاماً ولكن شاء الله إن يموت ضالاً ويكون من المستهزئين الذين نزل فيهم قول الله تعالى: (( انا كفيناك المستهزئين )) 95 سورة الحجر، فهلك بسهم داس عليه فجرحه فمات والى ذلك يشير البوصيري بقوله :


فـأصاب الـوليد خـدشة ســـهم

قصرت عنهـا الـحية الــــرقطاء




         وكان موته بعد الهجرة بثلاثة أشهر عن خمس وتسعين سنة ودفن في الحجون بمكة ، كذا في ابن الأثير والحلبية . وسبب إمتناعه من الأسلام كما ذكره الأمام البغوي في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قرأ (( حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب . ذي الطول لاإله إلا هو إليه المصير )) . وكان الوليد يسمع قرأته ففطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم واعاد الآية فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه فقال :
والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الأنس ولامن كلام الجن أن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وأنه يعلو وما يعلى عليه .
         ثم انصرف إلى منزله فقالت قريش صبأ والله الوليد ، وهو ريحانة قريش والله لتصبأن قريش كلهم فقال أبو جهل أنا أكفيكموه فانطلق فقعد إلى جنب الوليد حزيناً فقال له الوليد مالي أراك حزيناً ياابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن ؟ وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد وإنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن قحافة لتنال من فضل طعامهم فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني من أكثرها مالاً وولداً ؟ وهل شبع محمد وأصحابه ليكون لهم فضل ؟ ثم قام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه فقال لهم :
تــزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتوه يـحنق قــط ؟ قــالوا اللهم لا، قــال : تــــزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط ؟ قالوا اللهم لا، قــال : تــــزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟ قالوا لا ، فقالت قريش للوليد فما هو ؟ فتفكر في نفسه ثم نظر وعبس فقال : ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه فهو ساحر وما يقوله سحر يؤثر فذلك قول الله تعالى في سورة المدثر : "أنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر" (( الآيات )) .
         من هذه القصة تعلم مكانة الوليد في قومه فلقد خشوا أن يكون اسلامه سبباً لاسلام جميع قريش وكادت فطرته تسوقه إلى الهداية لولا كفار قريش فأنهم استعانوا بالأفتراء والتزوير على لسان من لايتهمه وهو ابن أخيه أبو جهل هشام فاثار حفيظته وهيج عواطفه وحرك عصبيته عندما زعم أنه يأكل فضلة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو معروف بالكرم وإن قريشاً تريد جمع اعانة له وهو من أغناهم فاضطر لمناقشتهم كي يبرر كلامه السابق ولكنه اخترع وصفه بالساحر بعد ما نزهه عن السحر لتكف قريش عن تشويه سمعته .
أما أم خالد لبابة الصغرى فماتت مسلمة بعد وفاة ابنها خالد كما حققه ابن حجر في الأصابة .
وأما إخوة خالد فهم :
         عمارة بن الوليد وقد ذهب مع عمرو بن العاص بهدايا إلى النجاشي ملك الحبشة ليردوا المهاجرين جعفر ابن أبي طالب وأصحابه فمات هناك كافراً قبل الهجرة بيسير .
         الوليد ابن الوليد : أســـلم بـعـد مـــا فــدى ببدر وحبسوه في مكة فنجاه الله تعالى وصار يسرق أسرى المسلمين من كفار مكة ثم كان سبب اسلام خالد بعد عمرة القضاء ومات في (( براعة )) على ميل من المدينة .  
         هشام بن الوليد قال : في الأستيعاب من المؤلفة قلوبهم أورده ابن حجر في الأصابة مستشهداً بابيات انشدها المرزباني خطاباً لعثمان بن عفان في خلافته منها :


لساني طويـل فاحترس من شــدائه
عليك وسيفـي مـن لسان أطـول


 ولادة خالـد:
         هي في مكة ولكنها لم تكن معروفة بالضبط وإنما أورد ابن عساكر في تاريخه أنه في سن عمر بن الخطاب واستدل بحادثة جعلها سبب العداوة بينهما هي أن عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد اصطرعا وهم غلامان وكان خالد بن الوليد ابن خال عمر فكسر خالد ساق عمر وجبرت وعليه فتكون سن خالد حين الدعوة الأسلامية سبعاً وعشرين سنة .
ج1ج2 ج3
خـــالـــد قــبل الأســـــلام
         قال ابن عبد البر في الأستيعاب : كان أحد أشراف قريش في الجاهلية وإليه كانت ألقبة والأعنة في الجاهلية ، فأما ألقبة فانهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزهون به الجيش ، وأما الأعنة فأنه كان يكون على خيل قريش في الحروب، وموقفه في غزوة احد يدل خبرته التامة بالحرب فقد كان على فرسان قريش مرابطاً فوق الجبل ومعه ابن عمه عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وانكسرت قريش وهو ثابت في مكانه يريد غرة من المسلمين الا ان خمسين من الرماة وعليهم عبد الله بن جبير الأنصاري كانوا في طريقه وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرهم أن لايفارقوا مكانهم ان ظفرت المسلمون أو انكسرت وإن يبقوا لينضحوا الخيل عنهم كي لا يأتي فرسان قريش من خلفهم لهذا لم يتمكن خالد من الهجوم خشية من الرماة لكنه لم ييأس مع أن قومه هربوا وتفرقوا في الصحراء وتخلت بنو عبد الدار عن اللواء وهم حماته حتى لم يجدوا من يحمله الاعبدهم صواباً كان عبداً لابي طلحة العبدري فعيرهم حسان بقوله :


فخرتــم بــاللواء وشـر فـــخر

لواء حين رد إلى صواب 




جعلتم فخركـم فيــه بـعـبـــد

وألأم مـن يـطـأ عـفر التراب




فقتل العبد ثم تناولته عمرة بنت علقمة الحارثية لأن الصحابة ما كانوا يقتلون النساء وذلك قول حسان :


فـلولا لـواء الحارثيـة اصبحوا
يباعون في الأسواق بيع الجلائب


           
         ولما كانت لله أرادة لابد من نفاذها وشاهد الرماة هذه الهزيمة ظنوا انقضاء المعركة فاولوا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببقائهم في مكانهم مدة الحرب وهي قد انتهت تماماً حسب رأيهم وخالفوا رئيسهم الذي حذرهم عاقبة تركهم فتركوه ومعه نحو عشرة عندئذ هجم خالد على الرئيس ومن معه فقتلهم وتول المسلمين من خلفهم فاضطرب أمرهم وتحول النصر إلى هزيمة ولم يبق الا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي بن أبي طالب وطلحة وأبو دجانة وسعد بن أبي وقاص وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأم عمارة ثم رجع اليهم المنهزمون وفي الحقيقة لم يبق الا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقاتل المشركين يومئذ وحده ، فقد نقل ابن الأثير في أسد الغابة أن علياً قال لما أشيع أن محمداً قد قتل فتشت عليه بين القتلى فلم أجده لان رسول الله لاينهزم فقلت قد غضب الله علينا ورفع نبيه إليه فلا خير في الحياة بعده فكسرت جفن سيفي ثم هجمت على قريش فأفرجوا لي فوجدت رسول الله وسطهم يقاتلهم وحده ويومئذ كسرت ثناياه وشج وجهه الشريف فالتحق به من ذكرنا وانتهت الواقعة بأن استشهد سبعون صحابياً وعلى رأسهم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب بعد أن كان المسلمون الغالبين .
وإن قريش التي نكبت يوم بدر الكبرى ورأت شدة بأس المسلمين وجاءت في أُحد هذه لأَخذ الثأر لاشك في أنها لم تسلم قيادة الفرسان وعليهم تدور معظم الحرب إلا لأعظم قائد لديها فروسية وتدبيراً ، فعملٌ خالد هذا بتغيير وضع الحرب من مغلوب إلى غالب يدل على أنه من أقدر القادة وأمهرهم في فنون الحرب والوصول إلى الهدف المقصود منها وهو الغلبة والظفر فلا عجب إذا صقله الأسلام بعد ذلك فأصبح سيفاً من سيوف الله المسلولة على اعداء الله .
         وكان خالد يوم الأحزاب هو الواقف في وجه المسلمين مع مئتي فارس حتى رحلت قريش بعد أن فقدت فارسهم عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله علي بن أبي طالب بعد ماعبر الخندق وطلب المبارزة فلم يبرز إليه أحد وقد قاتل يوم بدر حتى أثخنته الجراح فجاء يوم الخندق معلماً ليرى مكانه وعير المسلمين بقوله :
         فلما قتله علي بن أبي طالب وكبر المسلمون لقتله قال ابن هشام : وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو وقتل نوفل بن عبد الله وهرب هبيرة بن ابي وهب زوج أم هاني بنت أبي طالب بعد ما رمى درعاً له وكان أشجع قريش وهرب ضرار بن الخطاب وخذلت قريش وتفرق شملها فذهبت هاربة وحفظ خالد قريش حتى بعدت وأمنت من أن يلحق بها المسلمون .

اســـــــلام خــــــالـد
          أسلم خالد بعد عمرة القضاء كما قاله ابن عبد البر وغيره بسبب أنه هرب من مكة حتى لايرى المسلمين يـؤدون عمرة القضاء وكان أخوه الوليد بن الوليد مسلماً فسأله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن خالد ثم قال: (( لو أتانا لاكرمنه ومن مثله سقط عليه الأسلام في عقله ؟ )) فكتب إليه الوليد ما يلي كما في الحلبية :
بسم الله الرحمن الرحيم
          أمابعد فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الأسلام وقلة عقلك ومثل الاسلام هل يجهله أحد ؟ وقد سألني عنك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال أين خالد؟ فقلت يأتي الله به فقال :(( ما مثله يجهل الأسلام ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيراً له ولقدّمناه على غيره )) فاستدرك يا أخي ما فات فقد فاتك مواطن صالحة له . 
         فأسلم خالد وقبل أن يهاجر وتفاوض في الاسلام مع ابن عمه عكرمة بن أبي جهل فصفوان بن أمية فرفضا ثم اتفق مع عثمان بن طلحة الجمحي فاسلما جميعاً سنة سبع من الهجرة ورواية ابن عساكر في صفر سنة ثمان من الهجرة ولم يباليا بهجو ابن الزبعري لهما كما في سيرة ابن هشام :



انشد عثمان بـن طلحة خـلفنا
وملقى نـعال القوم عند الــمقبل




وما عقد الآباءُ مــن كل حلفة
وما خالد من مـثلهـا بـمحـلل




امفتاح بيت غيــر بيتك تبتغي
وما تبتغي من مــجد بيت مؤثل




فلا تأمنن خالداً بعـد هــــذه
وعثمان جاء بالــدهيم المنصل



تسميته سيف الله

         أول حروبه في الأسلام مؤتة وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش زيد بن حارثة وقال إن أصيب فجعفر بن أبي طالب فأن أصيب فعبد الله بن رواحة وكان المسلمون ثلاثة آلاف حتى اذا كانوا بموقع يسمى مشارف من تخوم البلقاء أتتهم جيوش قيصر من روم وعرب فلما دنوا من العدو مالوا إلى قرية يقال لها ( مؤتة ) وبها سميت الغزوة فاستشهد زيد ثم جعفر بعد أن قطعت يداه وهو ماسك اللواء وذلك سبب تسميته بذي الجناحين لان الله أعاضه عنهما بجناحين في الجنة وطعن بضعاً وتسعين طعنة أو رمية كما رواه البخاري في صحيحه ثم استشهد عبد الله بن رواحة شاعر الأنصار فماتوا على ترتيب ماذكره رسول الله ( ص ) معجزة له فلما استشهد قادة المسلمين الثلاثة أخذ الراية ثابت ابن الأقرم اخو بني العجلان فقال يامعشر المسلمين اصطلحوا على واحد فقالوا : أنت فأبى ثم اصطلحوا على خالد بن الوليد ومن يومئذ سمي سيف الله .
روى البخاري في صحيحه عن أنس أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيه خبرهم فقال ": أخذ الراية زيد فاصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ـ وعيناه تذرفان ـ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم".
ج1 ج2  ج3

روايته للحديث 
         كـــان خالداً مع تأخر إسلامه وانشغاله بالحرب لم يمنعه ذلك مــــن حــفظ كلام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقد نقل الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب أن ممن روى عن خالد ابن عباس وجابر بن عبد الله والمقدام بن معد يكرب وقيس بن أبي حازم والأشتر النخعي وعلقمة بن قيس وجبير وأبو العائلة وأبو وائل وغيرهم ولكن العدد الذي بقي من مروياته يسير جداً فقد قال الخزرجي في الخلاصة روى له ثمانية عشر حديثاً اتفق البخاري ومسلم على واحد وانفرد البخاري بحديث موقوف عليه له .
         وأما فقهه فأن نزاعه مع عمر في مسألة الغسول ومراجعة عمر واصراره يدل على فقهه ولذلك كان جوابه الأخير لعمر قوله :


سهل أبا حفص فأن لـــديننا
شرائع لايشقى بهن المسهـــل




انجست بالخمر الغسول ولاترى
من الخمر تثقيف المحيل المحلل




وهل يشبهن طعم الغسول وذوقه
حميا الخمور والخمور تســلسل



         يريد خالد أن الاستحالة مطهرة وان كان الأصل نجساً لأن نجاسة الخمر في الأسكار فإذا وضع في الغسول فقد زالت علة التنجس عند القائلين به وإذا انتفت العلة فقد انتفى المعلول على أن مذهب التطهير بالاستحالة قال به أكثر الأئمة بل نقل النووي في مجموعه أن ذلك وجه للشافعية وهم المشددون في عدم التطهير على أن طهارة الخمرة نفسها قال بها ربيعة شيخ مالك والمزني كما نقله القلبوبي على المنهاج عن الأسنوي ونقل النووي في المجموع أن داود قال بطهارتها أيضاً وان امام الحرمين والغزالي نقلا وجها للشافعية بطهارة الخمرة المحرمة وهي التي عصرت لا لأجل الأسكار وعلى هذا فالكحول طاهر وإن استخرج من المسكرات .
         وكان كريماً ويكفي برهانا على ذلك اعطاؤه عشرة آلاف درهم للاشعث بن قيس لما انتجعه حتى كانت سبب عزله .
         ووردت في فضله أحاديث كثيرة عقد البخاري في صحيحه فصلاً خاصاً لمناقبه وأورد في كنز العمال الكثير منها ويكفي أن رسول الله ( ص ) سماه سيف الله وقد سله الله على الكفار . 
الوصية
         أما وصيته المادية فهي أمواله التي وقفها على الجهاد وجعل عمر بن الخطاب وصياً عليها فليست من الأهمية على جانب عظيم ، وأما وصيته المعنوية فإليك بعضها :
         روى ابن عبد البر في الأستيعاب قال : لما حضرت خالداً الوفاة قال لقد شهدت مائة زحف أو زهائها وما في جسدي موضع شبر الا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ثم ها أنا أموت كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.
         وروى ابن عساكر في تاريخه أن خالداً كان يقول : ما من ليلة يهدى إلى فيها عروس أنا لها محب وأبشر منها بغلام، أحب إلي من ليلة شديدة البرد ، كثيرة الجليد في سرية أصبح فيها العدو ، فعليكم بالجهاد.
         روى أيضاً أن خالداً قال : ما أدري أي يومي اقر لعيني هل يوم أراد الله أن يهدي لي فيه الشهادة ، أو يوم ارادا الله أن يهدي لي فيه بركة ؟
         وأورد ابن حجر العسقلاني في الأصابة : قال خالد لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي الا أن أموت على فراشي ، وما من عمل شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا مترس والسماء تهمل مطراً إلى صباح حتى نغير على الكفار و إذا مت فانظروا سلاحي وفرسي واجعلوهما عدة في سبيل الله .
         فتراه وهو على فراش الموت يحض المسلمين على الجهاد ويشوقهم اليه وكان آخر عمله أن وقف كل ما يملك على الجهاد في سبيل الله تعالى . بهذه الأعمال شادوا للاسلام مجده الرفيع وأقاموا معالم الدين محرروا الأمة العربية من رق واستعباد الفرس والروم وأعلوا شأنها حتى أصبحت سيدة العالم أجمع .
السلاله
         بعد وفاة خالد تزوج عمر بن الخطاب أمرأته كي يبقي أولاده تحت كنفه حتى لايضيعوا لانهم تحت وصايته وكان لخالد اربعة اولاد منهم عبد الرحمن والمهاجر وسلوكهما مختلف فعبد الرحمن أموي النزعة وهو أحد قادة معاوية بن أبي سفيان يوم صفين والمهاجر هاشمي المشرب وكان قائداً في جيش أمير المؤمنين علي بن ابي طالب الذين عليهم المعول في صفين أيضاً ، وبعد ذلك عين معاوية عبد الرحمن قائداً للصائفة وكان محبوباً لدى الشاميين حتى أنهم رشحوه لولاية العهد بعد معاوية فعزله ونصب مكانه سفيان بن عوف قائداً على الصائفة ثم أن ابن اثال المسيحي طبيب معاوية الخاص سقى عبد الرحمن السم فمات ومات المهاجر أيضاً وخلف ولده خالداً كاسم جده فعيره عروة بن الزبير بقوله له : اتدع ابن اثال يفني أوصال عمك بالشام وأنت في مكة مسبل أزارك وكان خالد الصغير على مذهب أبيه المهاجر هاشمي النزعة الا أنه أخذته الغيرة فاستعان بعبده نافع المعروف بالبسالة كسيده فجاء دمشق مستتراً ووقف بين الجامع ودار معاوية التي هي الآن سوق الصاغة حتى مر به الطبيب ابن أثال فقتله فهجم عليه الناس وتخلص منهم ثم قبض عليه فسجنه معاوية ثم بناء على تدخل بني مخزوم أطلق سراحه وأخذ منه الدية أثنتى عشر ألفاً نصف له ونصف لبيت المال ، لان ابن أثال لاوارث له وهو معاهد وبقيت عادة جارية يأخذ الملك نصف دية المعاهد حتى أبطلها عمر بن عبد العزيز وعاد خالد بن المهاجر إلى المدينة ولكن دار جده وضع يده عليها ابن عمه أيوب بن سلمة بن هشام المغيرة بصورة ارث وبما أنه ابن عم فالقاعدة الشرعية أن ابن العم لايرث الا بعد انقراض الأبناء والأخوة وهذا ما دعا المصعب الزبيري أن يقول بانقراض سلالة خالد ثم تبعه ابن الأثير والقلقشندي وغيرهما .

         وفاته ومحل دفنه
         توفي خالد في السنة الحادية والعشرين من الهجرة أي بعد طاعون عمواس الذي توفي فيه أبو عبيدة ولكن الشهر الذي توفي فيه غير معلوم وأنما قصارى ما تفيده بعض الروايات أنه عند رجوع عمر بن الخطاب من الحج وذلك يكون عادة في المحرم واختلفوا في محل دفنه فقيل بالمدينة وهو الصواب وقيل بحمص من البلاد الشامية وله هناك قبر معروف ومقام مشهور ولكن هذا قبر العلامة الكيميائي خالد بن يزيد بن معاوية وقد التبس على العامة من حيث اتفاق الأسم فسرى على بعض الخاصة الذين يجرفهم التيار. قال ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار :
          قبر خالد بن الوليد يقال أنه خارج حمص ولايصح وأنما هو خالد بن يزيد بن معاوية بقول جزم فان عمر بن الخطاب كان قد عزل خالداً عن حمص واشخصه إلى المدينة ووجد عليه بعد موته .
         وأما ابن عساكر الدمشقي فنقل القولين ، ومثله الشامي في تهذيب الأسماء ورجح حمصاً ، وأما الحافظ ابن حجر العسقلاني في الأصابة فقال : الا كثرون في حمص والراجح في المدينة والقول بوفاة خالد في حمص يستند على قول أبي زرعة الدمشقي الحمصي وحده وتبعه من بعده ولاسيما الشاميين منهم والتحقيق العلمي يدل على أنه توفي في المدينة المنورة وهـــــو الـمعقول لان عمر بعدما عزله لايمكن أن يتركه في غير المدينة وذلك شأنه مع جميع قادة الامة ووجهائها.
         وروى ابن عبد البر في الاستيعاب وابن عساكر ان عمر قال : رحم الله أبا سليمان كان على غير ما ظننا به . وقال في الاصابة في ترجمة لبابة الصغرى من رواية سيف بن عمر بعد ذكر عزل خالد واقامته في المدينة ثم قال فلما رأى عمر أنه زال ما كان يخشاه من افتتان الناس به عزم على ان يوليه بعد ان يرجع من الحج فخرج معه خالد بن الوليد فاستسقى خارجاً من المدينة فقال احدروني إلى مهاجري فقدمت به أمه المدينة ومرضته حتى ثقل فلقي عمر لاقٍ وهو راجع من الحج فقال له ما الخبر ؟ فقال خالد للذي به، فطوى عمر ثلاثاً في لــــيلة واحــــدة فـــــأدركـــه حيـن قضـــى فــرق عليه واسترجع ورواية ابن عساكر تمثيل عمر بقول القائل :



أتبكي ما وصلت به الندامى
ولاتبكي فوارس كالجبال




أولئك أن بكيت أشد فقداً
من الأدهان والعكر الحلال




تمنى بعدهم قوم مداهم
فلم يدنوا لاسباب الكمال



         ولما خرجت جنازته ندبته أمه بقولها :
أنت خير من ألف ألف من الناس اذا ما كبت وجوه الرجال .
         فقال عمر : صدقت والله أنه لكذلك . وفي رواية : هل قامت النساء عن مثل خالد ؟


ج1ج2  ج3


1 التعليقات:

بارك الله فيكم جميعا على هذا البحث جهد تشكرون عليه