أغسطس 2014 ~ مدونة الخوالـــــــد

صدور قرار ترقية الاستاذ/ عثمان بن ناصر المحيميد للمرتبة الخامسة عشر

صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تعيين الأستاذ/ عثمان بن ناصر بن علي المحيميد على وظيفة (نائب الرئيس المساعد للرقابة على الأداء) بالمرتبة الخامسة عشرة ويسرنا تهنئة سعادته بهذه المناسبة سائلين الله تعــالى أن يمــده بعونه وتوفيقه لخدمـة هذا البلد الأمينالمصدر: العلاقات العامة بديوان المراقبة العامة 

العماير اصحاب الدولة العصفورية

الدولة العصفورية الواقع والأسطورة أيمن بن سعد النفجان 
16/5/1433هـــ
تعد الفترة الواقعة مابين سقوط الدولة العيونية وقيام الدولة الجبرية من أكثر الحقب غموضاً في تاريخ شرق الجزيرة العربية أي ما بين القرن السابع إلى التاسع الهجري، وفي ظل عدم وجود أي مصدر محلي يتحدث عن هذه الحقبة كما هو الحال في الدولة العيونية التي يعتبر ديوان ابن المقرب والشروحات عليه مصدراً مهما لتاريخها؛ لذلك تعلق المؤرخون قديماً ومنهم المؤرخ الشهير ابن خلدون بما ذكره الرحالة الشهير ابن سعيد عن زعامة عصفور وبنيه لوسط وشرق الجزيرة العربية في منتصف القرن السابع، وتناقل أيضاً المعاصرون هذا الخبر دون أن يخضع للمناقشة العلمية؛ عن حقيقة عصفور هل كان اميراً من أسرة، أم مؤسساً؟ 

متى سقطت الدولة العامرية؟ 

هل استمرت في ذريته؟ 

من الملفت تعسف المعاصرين على النصوص فنسبواكل خبر يرد عن قبيلة عصفور «عامر ربيعة العقيلية» منسوباً لعصفور، واستنتجوا أن الدولة العصفورية استمرت في ذرية عصفور لأكثر من قرن ونصف، وأصبحت هذه الاستنتاجات حقيقة يتنقالها من لا يجيد إلا القص واللزق، بل إن أحدهم صنف كتاباً في هذه الدولة المزعومة دون أن يكلف نفسه عناء العودة للمصادر ومناقشة الأخبار التاريخية!! 

تعسف الأحسائي والحميدان على النصوص 

أول من كتب عن تاريخ الأحساء من المعاصرين الشيخ عبد القادر الأنصاري الأحسائي في كتابه الشهير «تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والحديث»، وقد توسع في الاستنتاج رحمه الله فجعل كل خبر يرد عن بني عامر منسوباً لبني عصفور، فعلى سبيل المثال جعل بني عصفور مثلاً؛ هم الذين صالحوا الأمير العيوني محمد بن ماجد في بدايات القرن السابع (تحفة المستفيد، طبعة المئوية، ج1، ص204) وعصفور نفسه كان لا يزال على قيد الحياة في منتصف القرن السابع الهجري فهل ينيب أبناءه عنه على فرض أنه كان موجودأ في ذلك الوقت المبكر؟ 

والأرجح أن شيخ عقيل المعاصر لتلك الأحداث هو راشد بن عميرة والد عصفور والذي ورد ذكره في تلك الحقبة من الصراع داخل اليت العيوني (ديوان ابن المقرب، طبعة الكويت، ج2، ص 1142). 

يواصل الأحسائي تعسفه على النصوص لينقل عن ابن فضل الله العمري أن الإمرة كانت في أولاد مانع بن «عصفور» (تحفة المستفيد، ج1، ص 209) وهذا ما لم يقله العمري بل قال: «وكانت الإمرة فيهم في أولاد مانع إلى بقية أمرائهم وكبرائهم»، (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، طبعة المركز الإسلامي للبحوث، ص 152). 

على منوال ما فعله الأحسائي استنتج الدكتور عبداللطيف الحميدان في مقاله إمارة العصفورين أن كل خبر يرد عن قبيلة بني عامر يقصد به بنو عصفور، بل نجده يتعسف في النصوص حتى وهو ينقل عن الأحسائي، فعندما ذكر الاتفاق الذي تم مابين أهل الأحساء وشيوخ عقيل يجعله مع عصفور بن راشد!! 

ويستعين الحميدان بالمعلومات الموجودة في المخطوط التيموري ولا ينقل ما ذكره المؤرخ أن الذين ملكوا هم «العماير» (تحفة المستفيد، ج1، ص 415)، ويبدو لي أن هذا الوصف للأسرة الحاكمة من بني عامر أكثر دقة فالجد الجامع لهم هو عميرة ولعل لقب العماير هو جمع عميرة والله أعلم، ويتكرر هذا المنهج في الكثير من الأخبار العامرية التي أصبحت عصفورية في نظر الحميدان. 

يتوسع الحميدان في الاستنتاج ويبعد النجعة فيمدد في عمر الدولة «العصفورية» إلى نهاية الثامن الهجري دون أن يورد نص واحد صريح يدل على ذلك، والغريب أن الحميدان نقل نص ابن فضل اللهو الذي أشار فيه إلى حال بادية البحرين في زمانه «وإنما الكلمة قد صارت بينهم شتى والجماعة مفترقة» (التعريف بالمصطلح الشريف، ص 114) للبحث في تاريخ زوال دولتهم في نهاية القرن الثامن مع أن العمري عاش في بدايات القرن الثامن، واستعماله عبارة «صارت» تدل على أن ضعفهم قد مر عليه زمن. 

خصص الحميدان جزء كبير من بحثه لنفي الأخبار الواردة عن تولي القرامطة الزعامة في القطيف على يد ابن رميثة ومن ثم الجروانة في منتصف القرن الثامن الهجري، نافياً النصوص الصريحة التي وردت عند المقريزي وابن حجر، والنقود التي اكتشفتها البعثة الدنمركية، وسنده في نفي تلك الأخبار ما ورد عند المؤرخ البرتغالي تكسيرا نقلاً عن التاريخ الهرموزي الشاهنامة، والذي يذكر أحد شيوخ البحرين شيخ بني أزفاف حمد بن راشد (BEN Izafaf)، والذي فهمه الحميدان أنه عصفور وشتان مابين عصفور وأزفاف، 

(THE TRAVELS OF PEDRO TEIXIRA -P188) 

ويبدو لي ان الأقرب إن هذه القبيلة هي التي ذكرها ابن بطوطة في المنطقة والذين كانوا يغصون على الجواهر ويعرفون ببني سفاف (رحلة ابن بطوطة، ص 249). 

أما بقية المصادر التي تحدثت عن هذه الحقبة فهي لا تعدو أن تكون ناقلة لدراسات الحميدان والأحسائي ولذلك لا أجد من المفيد نقدها. 

ومما يجدر التنبيه له أن مناقشتي لبحوث الأحسائي والحميدان التاريخية لا أقصد به التقليل من الجهد الكبير الذي بذلوه، فلقد أثروا الساحة بدراستهم القيمة، ولكن الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق. 

عامر ربيعة العقيلية: 

ينتمي عصفور بن راشد بن عميرة إلى قبيلة عامر ربيعة العقيلية التي اختلف المتقدمون والمعاصرون في نسبها (للمزيد من التفاصيل راجع أنساب الأسر الحاكمة في الأحساء، لأبي عبدالرحمن بن عقيل، ج1، ص 96)؛ ويبدو لي أن أفضل من تحدث عن نسبها هم المنتمون لها من أسرة آل العديم الأسرة العلمية الشهيرة في حلب حيث ورد نسب هذه القبيلة:- «عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل بن كعب بن عامر بن صعصعة» وقيل أنه كان يعرف بأبي جرادة صاحب الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء، محمد راغب الطباخ الحلبي، ج4، ص 430). 

و لبني عامر ربيعة دور تاريخي مهم في تاريخ شرق الجزيرة العربية منذ القرن الثالث لا يتسع المجال لذكره وليس في وقت متأخر كما يعتقد بعض الباحثين المعاصرين، وقد ورد في ديوان ابن المقرب ذكر عدد من أمراء هذه القبيلة يتضح للمتتبع أن سلسلة نسب عصفور بن راشد بن سنان بن عميرة بن غفيلة بن شبانة جميعهم كانوا من أمراء عامر ربيعة العقيلية، أي أنهم قد توارثوها، (ديوان ابن المقرب، طبعة الكويت، ج2، ص 949، ص 951، ص 1087، ص 1142)، إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك من أبناء عمومتهم من نافسهم أو شاركهم مشيخة بني عامر ربيعة وعقيل كافة في شرق الجزيرة العربية. 

يبدو أن ابن عم عصفور «مانع بن علي بن ماجد بن عميرة» كان مشاركاً قوياً لعصفور في الحكم؛ لذلك نجد أن الأتابكة عندما سلموا حكم المنطقة لراشد كان بمشاركة ابن عمه مانع (تحرير تاريخ وصاف، ص 105)، ويبدو أن مانع قد أزاح عصفور عن مشيخة القبيلة في وقت مبكر لذلك نجد ابن فضل الله العمري يذكر مراسلات السلطان لمانع بن علي وذريته دون أن يتحدث عن عصفور وذريته (صبح الأعشى، ج7، ص 371). 

ويبدو أن الخلافات داخل أسرة مانع التي ذكرها ابن فضل الله العمري قد أضعفت من النفوذ العامري في المنطقة ؛ فاستطاع ابن السواملي ومن بعده مملكة هرمز الاستيلاء على الحواضر والجزر المهمة في المنطقة خاصة البحرين، (مملكة هرمز، جان أوبان، ص29، ص 34، ص 38)، ويبدو أن ذلك كان بالتعاون مع بعض القوى المحلية القرمطية حيث أن بروزها في المنطقة توافق مع امتداد نفوذ تلك القوى المسيطرة على الخليج. 

ويبدو أن النفوذ العامري استمر على التجارة وطرق الحج في المنطقة حتى أن العمري يصف وصول عرب البحرين إلى أبواب السلطان في مصر ومن المرجح أن يكون بني عامر منهم بوصول التجار وليس شيوخ القبائل (التعريف بالمصطلح الشريف، ص 114). 

ختاماً اتمنى أن يجد القارئ في هذا العرض الموجز لتاريخ عامر ربيعة ما يفيده، وسوف يكون لي بإذن الله بحث موسع عن تاريخ شرق الجزيرة العربية في هذه الحقبة الغامضة في تاريخه منذ سقوط الدولة العيونية حتى قيام دولة المنتفق، لعله يرى النور قريباً. 

* * * 
منقول من جريدة الجزيرة السعودية
ayman@nafjan.net