أكتوبر 2012 ~ مدونة الخوالـــــــد

راعي البير يمدح سعدون بن عريعر بن دجين


د. المنيع يعقب على الجعيثن

البيت من القصيدة المشهورة «مراقي العلا»

د. حمد بن إبراهيم المنيع
    يطالعنا الأستاذ الأديب عبدالله الجعيثن عبر خزامى الصحارى بجريدة «الرياض» بمختارات أدبية جميلة تبرز مدى ما يتمتع به من ذائقة أدبية رفيعة وتدل على مقدرة إبداعية رائعة في ربط الماضي القريب بالماضي البعيد.
و في العدد 15092 بتاريخ 30 / 10 /1430ه كتب سعادته مقالا تحدث فيه عن الحلم وأثره الجميل في السلوك الإنساني، وأورد في أعلى المقال بيت الشعر الآتي:
ومن لا يرد الغيظ بالحلم زينت له النفس حالات خبيث ورودها
و لم يجزم بقائل هذا البيت ، ورغبة في إيضاح هذا الأمر أحببت أن أشارك معكم بهذا التعليق ، فأقول:
إن هذا البيت هو من قصيدة مشهورة للشاعر محمد بن منيع – رحمه الله – وتعرف هذه القصيدة لدى أفراد الأسرة باسم قصيدة "مراقي العلا ".
التي قالها مادحا لسعدون بن محمد بن غرير – حاكم الأحساء – في الفترة ( 1103 – 1135 ه) ، الذي كان عادة ما يخصص مرتبات سنوية لرؤساء بعض الأقاليم وأمراء البلدان طمعا في تأكيد ولائهم، وكسبا لتأييدهم، وكان الشاعر محمد بن منيع أحد هؤلاء ولكن مرتبه السنوي تأخر عليه، فأرسل إليه بهذه القصيدة التي يستحثه فيها على التعجيل بصرف ما خصص له، وقد وفد بها على سعدون بن محمد الابن الأكبر للشاعر الشيخ منيع بن محمد عام 1111 ه الذي كان يتردد على الأحساء لطلب العلم على علمائها ومنهم الشيخ عبدالله بن عفالق.
وقد قام الأستاذ الأديب محمد بن عبدالله الحمدان بجهود مشكورة في تحقيق هذه القصيدة ومقارنة أبياتها التي بلغت 80 بيتا بين الكتب التي أوردتها، جاء ذلك في كتابه الذي أعده عن بلدة البير.
ومن الكتب التي أوردت هذه القصيدة، أو بعضا منها ما يلي:
ديوان قاسم بن محمد آل ثاني، ووصفه بأنه راعي البير (74 بيتا).
خيار ما يلتقط من شعر النبط (راعي البير يمدح شيخ الإحساء) (71بيتا).
من عيون الشعر العربي الفصيح والشعر النبطي المليح ، قال عنه الشاعر : إنه راعي البير ؛ شاعر مشهور ،لا يقل في أشعاره وجودتها عن غيره من الشعراء كلها حكم وأمثال كما جاء في قصيدته المشهورة التي امتدح بها سعدون بن عريعر. (72 بيتا)
- وردت القصيدة في مخطوطة جامعة إسترسبورج (فرنسا) و قيل هناك (راعي البير في سعدون آل محمد).
- جاءت القصيدة في مخطوطة مجموعة سليمان الدخيل الدوسري ، وقال عنها: (ومما قال منيع يمدح الشيخ سعدون أمير الحسا). (78 بيتا)
- أثبتها محمد اليحيى في (لباب الأفكار في غرائب الأشعار) وقال هناك: (مما قال راعي البير يمدح سعدون بن عريعر بن دجين) وقال إن اسم راعي البير هو (محمد بن منيع). (71 بيتا)
وتمتاز هذه القصيدة بجزالة معانيها، وجودة سبكها، وقوة ألفاظها، وقربها من اللغة العربية الفصيحة، واشتمالها على أبيات كثيرة من الحكمة ما زالت محفوظة في ذاكرة كثير من أفراد الأسرة منهم العم محمد بن حمد المنيع – إمام جامع الحسي -، والعم دبوس بن حمد المنيع ساكن بلد الخطامة بسدير – متع الله الجميع بالصحة والعافية -.

اليحيى
ومن هذه القصيدة الأبيات التالية:
مراقي العلا صعب شديد سنودها
مكاد على عزم الدناوي صعودها
فمن رامها بالهون ما نال وصلها
ولا رد غيظات العدا في كبودها
شراها بغالي الروح والمال والشقا
وصبر على مر الليالي وكودها
فلولا غلاها سامها كل مفلس
لولا عناها كان كل ما يوردها
فلكنها بالعزم والحزم والشقا
وخضب الهنادي بالدما من صدودها
وبذل العطا في ماجب الحمد والثنا
مخاطر بحالات خفي سدودها
وغض نظير العين عن ذنب صاحب
تجي من صديق زلة ما يعودها
وبالحلم عن زلات الأصحاب طولة
ولم العصي ما يقطع الشر عودها
فلا طير إلا بالجناحين طاير
ولا كف إلا بالقوى من زنودها
ومن لا يرد الغيظ بالحلم زينت
له النفس حالات خبيثة ورودها
ومن عنها بالصبر حتم يردها
ويشوف مطاليع الهدى في ركودها
ولا خير في عين حديد نظيرها
قريب ويعمى شوفها عن حسودها
ومن هاب خاب وعاش بالذل واشرفت
عليه الغوادي طالبين حقودها
ومن ودع أوباش البرايا حديثه
فهو عامي الشوفات مخط قصودها
ولد الشاعر محمد بن منيع العوسجي البدراني الدوسري عام 1045 ه تقريبا، وقد نشأ وترعرع في البلد الأصلي لأسرته (ثادق) وكانت فاته – رحمه الله – عام 1117ه.