مبارك بن حمد العقيلي |
وثيقة عثمانية تكشف هوية الشاعر الاحسائي مبارك العقيلي 2- 2
جمع بين نظم الشعر الشعبي والفصيح وتميز بالبحر الهلالي
* عرضنا في الجزء الأول مقدمة عن الشاعر الأحسائي مبارك بن حمد العقيلي الذي خاطب السلطات العثمانية بصفته شاعرا أحسائيا، كما عرف نفسه في الوثيقة التي نشرها الدكتور سهيل صابان في العدد الثاني من المجلد الحادي عشر لمجلة المخطوطات والنوادر. وقد خلد هذا الشاعر اسمه في أرشيف الدولة العثمانية بعدد من الوثائق التي أظهرت شعوره بهموم أمته الإسلامية وحرصه على تاريخها المجيد كما تطرقنا إلى اسمه ونسبه ومولده ونشأته وسجنه ورحلاته ونستكمل في هذا الجزء عن:
وكان شاعرنا قد كتب هذا الخطاب الذي هو في الأصل خطبة، أثناء وجوده في إمارة دبي بسبب منشور التقط من الطريق العام في 17جمادى الثانية 1324ه بعنوان (بوق من السما) يدعو المسلمين إلى التمرد على الدولة العثمانية ويحرضهم على معادتها فكان هذا الخطاب رداً عاصفاً صب فيه الشاعر جام غضبه على بريطانيا واللورد كرزون الذي كان يضع الخطط لاستعمار العالم العربي والإسلامي بعد هدم مؤسسة الخلافة.
ولكن بعد تغير الخرائط الجغرافية وسيطرة الملك عبدالعزيز على الأحساء وطرده للأتراك عام 1331ه انصرف إلى تأييده بقوة وعبر عن مشاعره نحو ذلك بقصيدة أولها:
ومن ظريف أخباره أنه في سنة 1333ه وردت إليه الأخبار باختلال الأمن في الأحساء وانقطاع السبل بسبب تمرد إحدى القبائل فعن له قول الشاعر:
فغادر دبي متجهاً إلى مسقط رأسه الأحساء مروراً بالبحرين فتعطل في البحرين بسبب بعض الأمور والإجراءات واستمر على هذا الوضع لمدة شهرين وكان تحت عناية عبدالله بن حسن القصيبي فقال قصيدة فيه جعلها مدخلاً لمدح الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وعرض فيها إلى أسباب رحلته وأولها:
يقول العقيلي في بيوت أشادها***وضاح معانيها بيان رشادها
وقوله:
وقوله:
ويتميز شعره عموماً بجزالة لفظه وعمق معناه وتغلب عليه الحكمة وهو يذكرنا في نهجه هذا بنهج الشاعر راشد الخلاوي وهذه سمة عامة في شعره، مع العلم أنه طرق أغراض الشعر الأخرى كالمدح الذي شكل عقوداً من قصائده واستغرق مدح الأمراء والحكام الجزء الأكبر منه، ثم الغزل العفيف الذي يفيض رقة وينساب عذوبة، ومن الأغراض التي تناولها شعره الشكوى من الزمان وأهله، وهو شاعر ذو نفس طويل ورغم أن شعره يصطبغ بالجدية والرصانة، إلا أن هناك العديد من القصائد والمقطوعات الطربية والأهازيج الإيقاعية والإخوانيات التي تحلو بها مجالس السمر.
وأما في الفصيح الذي يتجاوز قصائد ديوانه السعبين فهو يتكئ فيها على مخزون علمي وخلفية ثقافية واسعة وليس أدل على ذلك من عنوان ديوانه (كفاية يالمرام لأهل الغرام) مستلهماً التراث العربي ومعتمداً عليه وناهجاً منهج الشعر التقليدي الأصيل الذي برز فيه من مجايليه ابن عثيمين وغيره من الشعراء.
وأما في الخطابة فهو الخطيب المفوه الذي لا تلين قناته ولا تفتر لهاته نجد ذلك ظاهراً في ثنايا الوثيقة العثمانية التي ذيلت باسمه والتي يظهر لنا أنها في الأصل خطبة ألقاها في الناس داعياً إياهم للتكاتف والتمسك بالوحدة الإسلامية ونبذ المستعمرين، وهو ما يؤكده زكريا كورشون ومحمد القريني في كتابهما "سواحل نجد (الأحساء) في الإرشيف العثماني" ويظهر أن شاعرنا كتبها بعد ذلك وأرسلها إلى السلطات العثمانية كتعبير عن ولائه بدليل تذييلها بجملة "المحب للدولة والملة".
وأخيراً أتمنى أن أكون وفقت في عرض سيرة هذا الشاعر الأحسائي العملاق الذي خفيت سيرته حتى على بعض أهل الأحساء وسيكون لنا في القريب العاجل وقفات مع بعض قصائده الرائعة.
منقول من صحيفة الرياض على هذا الرابــــــــــط
اتجاهاته السياسية:
يعتبر العقيلي من دعاة القومية العربية المرتبطة بالإسلام، ولذا نجد في الوثيقة التي نشرها الدكتور صابان ذات التصنيف HR.SYS.93/37 والمؤرخة في 27رجب 1324ه مدافعته عن مؤسسة الخلافة الإسلامية ومقاومته الشديدة للاستعمار الإنجليزي، كما أن هذا الخطاب يؤكد أن اتهامه بمناوءة الأتراك وسجنه في الأحساء كان ظالماً.وكان شاعرنا قد كتب هذا الخطاب الذي هو في الأصل خطبة، أثناء وجوده في إمارة دبي بسبب منشور التقط من الطريق العام في 17جمادى الثانية 1324ه بعنوان (بوق من السما) يدعو المسلمين إلى التمرد على الدولة العثمانية ويحرضهم على معادتها فكان هذا الخطاب رداً عاصفاً صب فيه الشاعر جام غضبه على بريطانيا واللورد كرزون الذي كان يضع الخطط لاستعمار العالم العربي والإسلامي بعد هدم مؤسسة الخلافة.
ولكن بعد تغير الخرائط الجغرافية وسيطرة الملك عبدالعزيز على الأحساء وطرده للأتراك عام 1331ه انصرف إلى تأييده بقوة وعبر عن مشاعره نحو ذلك بقصيدة أولها:
بدور السما تزهو بهالة تمامها***وروض العلى فتح بورد أكمامها
ومن ظريف أخباره أنه في سنة 1333ه وردت إليه الأخبار باختلال الأمن في الأحساء وانقطاع السبل بسبب تمرد إحدى القبائل فعن له قول الشاعر:
من لا يجينا والديار مخيفة***لا مرحباً به ولاديار عوافي
فغادر دبي متجهاً إلى مسقط رأسه الأحساء مروراً بالبحرين فتعطل في البحرين بسبب بعض الأمور والإجراءات واستمر على هذا الوضع لمدة شهرين وكان تحت عناية عبدالله بن حسن القصيبي فقال قصيدة فيه جعلها مدخلاً لمدح الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وعرض فيها إلى أسباب رحلته وأولها:
يا بوحسن جينا من دبي شفقين***مطلوبنا يا بوحسن شوف الأوطان
شعره ونتاجه الأدبي:
يتضمن ديوانه النبطي عدداً كبيراً من القصائد يتجاوز الثمانين قصيدة ومع طرقه لجميع البحور والأوزان فهو يميل إلى القصيدة القديمة ذات القافية الواحدة أو البحر الهلالي ويبدع فيه أيما إبداع خاصة إذا ما افتتح قصائده بجملة "قال العقيلي" أو "يقول العقيلي" مثل قوله: يقول العقيلي في بيوت أشادها***وضاح معانيها بيان رشادها
وقوله:
يقول العقيلي في رسوم المثايل***معان يعانيها عديم المثايل
وقوله: قال العقيلي في تراكيب الإبداع***أمثال تطرب في الملا كل واعي
وقوله:
قال العقيلي والوفا طبع الأحرار***والحر له رعي الجميلات عادي
ويتميز شعره عموماً بجزالة لفظه وعمق معناه وتغلب عليه الحكمة وهو يذكرنا في نهجه هذا بنهج الشاعر راشد الخلاوي وهذه سمة عامة في شعره، مع العلم أنه طرق أغراض الشعر الأخرى كالمدح الذي شكل عقوداً من قصائده واستغرق مدح الأمراء والحكام الجزء الأكبر منه، ثم الغزل العفيف الذي يفيض رقة وينساب عذوبة، ومن الأغراض التي تناولها شعره الشكوى من الزمان وأهله، وهو شاعر ذو نفس طويل ورغم أن شعره يصطبغ بالجدية والرصانة، إلا أن هناك العديد من القصائد والمقطوعات الطربية والأهازيج الإيقاعية والإخوانيات التي تحلو بها مجالس السمر.
وأما في الفصيح الذي يتجاوز قصائد ديوانه السعبين فهو يتكئ فيها على مخزون علمي وخلفية ثقافية واسعة وليس أدل على ذلك من عنوان ديوانه (كفاية يالمرام لأهل الغرام) مستلهماً التراث العربي ومعتمداً عليه وناهجاً منهج الشعر التقليدي الأصيل الذي برز فيه من مجايليه ابن عثيمين وغيره من الشعراء.
وأما في الخطابة فهو الخطيب المفوه الذي لا تلين قناته ولا تفتر لهاته نجد ذلك ظاهراً في ثنايا الوثيقة العثمانية التي ذيلت باسمه والتي يظهر لنا أنها في الأصل خطبة ألقاها في الناس داعياً إياهم للتكاتف والتمسك بالوحدة الإسلامية ونبذ المستعمرين، وهو ما يؤكده زكريا كورشون ومحمد القريني في كتابهما "سواحل نجد (الأحساء) في الإرشيف العثماني" ويظهر أن شاعرنا كتبها بعد ذلك وأرسلها إلى السلطات العثمانية كتعبير عن ولائه بدليل تذييلها بجملة "المحب للدولة والملة".
وفاته:
عاش شاعرنا وحيداً دون زواج ومات رحمة الله عليه في دبي سنة 1374ه عن عمر يناهز الثمانين عاماً. وأخيراً أتمنى أن أكون وفقت في عرض سيرة هذا الشاعر الأحسائي العملاق الذي خفيت سيرته حتى على بعض أهل الأحساء وسيكون لنا في القريب العاجل وقفات مع بعض قصائده الرائعة.
منقول من صحيفة الرياض على هذا الرابــــــــــط
0 التعليقات:
إرسال تعليق