من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الشيخ/ عبد الرحمن بن محمد الربدي
زعيم مدينة بريدة في وقتة(1260 هـ ــ 1318 هـ)
محتويات[أخف] |
[عدل]نبذة عن أسرتة :
قال عنهم الشيخ / محمد بن ناصر العبودي(1):
أسرة من أشهر الأسر في بريدة بل في القصيم وما حوله ويرجع نسبهم إلى الجبور من بني خالد، وكانت أسرة الربدي في آخر القرن الثالث عشر ومطلع القرن الرابع عشر أغنى أسرة في بريدة بل في نجد وما حولة، وهم من الأسر المحبوبة على غناها، وذلك أن الناس لا يحبون الأسر الغنية، لما قد يكون لها من دين على الآخرين لا تسامح في اقتضائه، إلا أن الربادى (جمع ربدي) كانوا يوسعون على الناس ويتعاملون معهم برفق وكرم.
وقد بلغت أسرة الربدي مبلغاً عظيماً من الثراء والجاه والمنزلة في نفوس الناس حتى صاروا مضرب المثل في ذلك، واشتهرت عند الناس قصة فتيان من أهل عنيزة جاءوا إلى بريدة من أجل أن يروا مطقة باب الربدي لأنه كان كبيراً ذا حلقة صفراء متميزة وعلى ذكر بيت الربدي يقول الشيخ العبودي(2):
وقد بحثت عن بيت يتألف من ثلاث طبقات في ذلك الوقت فلم أجد إلا بيت الربدي فهو ذو طبقات ثلاث وكان ذلك في عام 1356هـ.
[عدل]مطقة باب الربدي:
كما قال معالي الدكتور / عبد العزيز الخويطر (وزير المعارف السابق) في كتابة (وسم على أديم الزمن) بهذا الخصوص(3): الشباب لاشيء (يعوقهم) أو يؤخرهم عن تصرفات يرى الكبار انها خرقاء، وانها منافية للعقل، ولكن روح التحدي عند الشباب تغلب اي معوق لها عن اتباع ماتقتنع به، والتحدي وقود لايغلبه وقود، فهو طاقة الشباب، مع غياب العقل، واستصغار الجهد، والعمى عن الاخطار، ومثلنا فعل الوالد بذهابه لبريدة (لتطيير) الحمام ذهب آخرون ليتأكدوا من امر غريب ذكر لهم، وتضاربت الأخبار حوله، فارادوا ان يتأكدوا بأنفسهم من حقيقة الامر، وان يقطعوا الشك باليقين، ويضعوا حدا للتخرصات. المطقة: هي حلقة، بشكل معين، توضع على الباب من الخارج، يطرق بها القادم على البيت الباب، لينبه من بالداخل إلى قدومه، ليفتح له الباب، في اسفلها مثل رأس المطرقة، لكي تعطي الصوت المطلوب ايصاله إلى من بالداخل، قرب أو بعُد، وقوة الطرق تكون حسب الحال، وتُضرب هذه الحلقة على قطعة حديد مثبتة على الباب حتى لاتحفر الخشب مع مداومة الطرق. راجت حكاية في عنيزة تقول ان مطقة باب بيت الربدي من ذهب، وكان هناك فتية جلوس في احدى (القبب) في عنيزة، وأجالوا الفكر فيما سمعوه عن هذه الشائعة التي انتشرت، وصارت حديث الناس، وتجادل الفتية في الامر ما بين مصدق ومكذب، المصدق يقول ان الربدي موسر وقادر على ان يجعل مطقة بابه من ذهب، ومكذب يقول انه ليس من رداءة العقل ان يفعل ذلك، فان فعل فعليه ان يحرسها ليل نهار. كان لهؤلاء الفتية من النشاط والعزم مالايمنعهم عن ان يقوموا برحلة على الاقدام حالا إلى بريدة على الرغم من بعد المسافة والجهد والتعب لكي يقطعوا الشك باليقين بأنفسهم، ويروا هذه المطقة، فيلمسوها بأيديهم، ولو كانت آلات التصوير متوافرة حينذاك لصوروها. ذهب هؤلاء الشباب إلى بريدة، وقطعوا المسافة الطويلة، آملين ان يروا هذه المطقة التي شغلت الناس، وقد انساهم هذا الامل المسافة والتعب، وبعد أن وصلوا إلى بريدة ذهبوا إلى بيت الربدي ورأوا المطقة وفحصوها وتأكدوا انها ليست من ذهب، وانما من صفر لامع، وهذا هو الذي دعا الناس ان يقولوا انها من ذهب، وبهذه الزيارة انقطعت الشائعة، واستراحت الالسن، وبارك الله في نشاط الشباب وهمتهم.
ولم يقتصر تميز هذه الأسرة على الحصول على الثروة، بل كانت لهم مكانة سياسية في نجد، وقد أشتهروا بالإسراع في حث أهل القصيم على محاربة الامير عبد العزيز بن رشيد في معركة الصريف عام 1318هـ.
[عدل]نبذة عن رأس أسرة الربدي:
رأس أسرة الربدي في مدينة بريدة الشيخ الزاهد الشيخ / محمد بن عبد الرحمن الربدي حيث اتصف بالورع والتقى وحب الخير وبذل الصدقات ، وله قصص كثيرة في هذا الشأن بعضها مسجل في الكتب وبعضها متناقل على ألسنة الناس وكان على غناه من أكثر الناس ورعاً حتى يحملة ورعة على أن يعمل أعمالاً تتنافى مع ما تقتضية التجارة التي هدفها تنمية المال وزيادة.
يقول الشيخ العبودي عن تجارتة ومدايناته الكبيرة:
لا أعرف أحداً من أهل بريدة يتعامل بمداينة الناس بمبالغ كثيرة جداً من المال تعجز عنها ميزانية الأمراء والحكام في نجد والحجاز وفيما حولها مثل الشيخ / محمد بن عبد الرحمن الربدي سواء أكان ذلك بمبالغ من النقود أو الثمار من تمور وحبوب. ولقد وقع في يدي مداينة هي أكثرهاوأعظمها مقداراً فهي أكثر وأكبر مداينة واحدة رأيتها في منطقة القصيم، وربما كانت كذلك في كل أنحاء نجد وذلك بستين ألف وزنة تمر شقر.
[عدل]سيرة الشيخ /عبد الرحمن الربدي(1260 هـ ــ 1318 هـ):
وهو محور حديثنا في هذا المقال ولد في (بريدة سنة 1260هـ) وقُتل ومعه ابنه سليمان في معركة الصريف (4) سنة 1318هـ وقبر الشيخ /عبد الرحمن الربدي معروف عند سكان بلدة الطرفية في الطرف الشرقي منها (وهوعلى يمين الخط الحالي بعد الشعيب ومحاط ببناء) في المنطقة التي جرت فيها المعركة.
ومن المعلوم أن معركة الصريف وقعت بين / عبد العزيز بن رشيد من جهة وأمير الكويت/ مبارك ابن صباح ومن معه من أهل القصيم وبعض القبائل وقد انتصر ابن رشيد في المعركة وقتل الشيخ/ عبد الرحمن الربدي(الذي كان قد خرج من بريدة يقود أهلها للمشاركة في الحرب ضد ابن رشيد) رغم وجود نسب بين عبد الرحمن الربدي والأمير عبد العزيز الرشيد (وصلة النسب مع السبهان ذلك ان احدى بنات الشيخ/ عبد الرحمن الربدي متزوجة من الأمير / حمود بن سبهان بن سلامة السبهان خال الأمير / سعود ين عبد العزيز المتعب الرشيد) وهذا ما أوغل صدر ابن رشيد على الربدي، حيث حصل مكاتبات أو تفاهم بين عبد الرحمن الربدي والامام عبد الرحمن الفيصل آل سعودعندما كان مقيما في الكويت، وبابن صباح، وكذلك اتصال الربدي بآل مهنا أمراء بريدة المقيمين في الكويت، وزعماء بعض القبائل،حيث تعهدالربدي بتمويل وتجهيز جيش بريدة وتوابعها والبادية التابعة لها والمتحالفة معها.
ومن المعلوم أيضاً أن الشيخ / عبد الرحمن الربدي كان من الممولين الرئيسيين للمعركة، كما انه ساهم في قتل عدد من أقارب ابن رشيد على أرض المعركة، ومنهم مهنا وسالم أبناء حمود العبيد الرشيد وهما المعنيان بالقصيدة التي منه :
يا ونتي ونه الوجــــــــــــــعان............. اللي صوابه جرح كبدي
أخو الطريحين بالمــــــــــيدان.............. واللي تعشاهم الربدي
ذبحه ألفين من القصــــــــمان............... كلهم ما يبر دون كبدي
هامت الناس بالحيـــــــــــطان............... كله سبايبك يالربدي
وقصيدة الخلوج الشهيرة للشاعر الكبير محمد العوني، انما ولدت نتيجة رد فعل قوية ومباشرة لنتائج معركة الصريف، والقصيدة تصور ما حل في بريدة وأهلها وكبار رجالها, يقول مقبل الذكير: وكان صالح الحسن آل مهنا قد سار إلى الشام بعد حوادث الطرفية وكان فيها جماعة كبيرة من أهل القصيم فأخذ يستنجدهم لمساعدته وأرسل لهم محمد العبدالله العوني الشاعر المعروف قصيدة حماسية يستنهض بها جماعته أهل بريدة وأهل القصيم عموما فاخذتهم الحمية والشهامة فأقبل منهم نحو مائتين وخمسين من أهل بريدة مع صالح الحسن ونحو خمسين من أهل عنيزة كبيرهم علي الصقيري,, غاية فوصلوا الكويت في شعبان سنة 1319 والتحقوا بجيش ابن صباح الذين بالجهرا تبع امراءهم آل مهنا وصالح العلي آل سليم ثم ساق بعد ذلك مقاطع من قصيدة العوني.
أما الأموال التي صادرها ابن رشيد من أسرة الربدي وسلمها له إبراهيم المحمد الربدي (5) الشقيق الأكبر لعبد الرحمن الربدي فكانت في اليوم أو الأيام التالية للمعركة وبعد أن دخل ابن رشيد بريدة, وهناك قصص وروايات كثيرة عن محاولات الأمير عبد العزيز ابن رشيد الانتقام من أسرة الربدي على وجه الخصوص، وعاشت الأسرة أياما عصيبة، فبينما هرب كبار السن من أبناء عبد الرحمن الربدي خارج بريدة، اختفى الصغار منهم، ولم يعودوا الا بعد أن نجحت وساطات علماء وأعيان ووجهاء المنطقة في تهدئة الأمور.
وابراهيم وعبد الرحمن وشقيقهم الأصغر عبد الله أبناء محمد العبدالرحمن الربدي حققوا تجارة ناجحة وهي امتداد لتجارة والدهم، ووصفت أسرة الربدي بأنها أغنى أسرة في القصيم في نهاية القرن 12 وأوائل القرن 13 (6)،
وفي الحلقة الأخيرة من قراءته لكتاب لسراة الليل هتف الصباح: الملك عبد العزيز دراسة وثائقية للشيخ عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري والتي نشرت في عدد الجزيرة رقم 10042 وتاريخ 21/12/1420ه، أورد الدكتور العثيمين في تلك القراءة معلومات عن الحالة الاقتصادية في بعض مناطق نجد في نهاية القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر، وبالتحديد في الفترة التي سبقت تأسيس المملكة، ومنها ذكره وجود نماذج تدل على أيام يسر، كما تدل على وجود شخصيات نجدية غنية,, ومن النماذج التي قدمها قوله: أعود بالذاكرة التاريخية مثلا إلى ما فرضه الأمير عبد العزيز بن رشيد على أفراد من اهل القصيم، وفي طليعتهم الربدي من بريدة، ومحمد السليمان الشبيلي من عنيزة وذلك بعد معركة الصريف فأجده مبالغ ضخمة نسبيا, فما فرض على الربدي كان حوالي أربعين ألف ريال، وما فرض على الشبيلي كان خمسة عشر ألف ريال خفضت بناء على وساطة خير إلى عشرة آلاف ريال, ولو لم تكن لدى المفروض عليهما قدرة لتوفير تلك المبالغ لكان شأن آخر.
وقد أضاف الدكتور العثيمين في عدد الجزيرة رقم 10052 الخميس 1/1/1421هـ, موضحا انه رجع إلى النسخة التي اعتمد عليها من تاريخ مقبل الذكير واتضح له ان اسم الربدي عبد الرحمن وان اسم الشبيلي سليمان ثم اورد بعض المعلومات عن أسرتي الربدي والشبيلي.
كما يذكر الشيخ عبد الرحمن الناصر عن أحداث سنة 1318هـ فيما يتصل بما فعله ابن رشيد بأهل القصيم بعد معركة الصريف ما يلي: أما ابن رشيد فانه جعل يبعث البعوث في اثر المنهزمين ومواضع المياه ومن وجدوه قتلوه حتى قتل من الرجال ما لا يعد ولا يحصى، ثم انه رحل من موضع المعركة ونزل بلد بريدة وأوقع بأهل القصيم النكال الشديد خصوصا عبد الرحمن الربدي فانه قتله وقتل ولده وأخذ ماله، وطلب من إبراهيم الربدي صبيحة يومه قريبا من ثمانين ألف ريال قبل العصر والا قتله فسلمت له (7).
أما مقبل الذكير فقال في حديثة عن معركة الصريف ما يلي: وبعد هذه الوقعة تجلت نفسية ابن رشيد فبدلا من أن يستميل رعيته,, اخذهم بالشدة العنيفة, رحل من موضعه ونزل بريدة وفعل بأهلها تنكيلا شديدا قاسيا فقد اخذ من الربدي أحد تجار بريدة خمسين ألف ريال وقتله وأخذ من سليمان الشبيلي أحد تجار عنيزة عشرة آلاف فرانسي.
ومما ذكر الشيخ عبد الله بن محمد البسام في تاريخه تحفة المشتاق عن الصريف قوله وقتل في هذه الواقعة من مشاهير أتابع مبارك آل صباح اخوة حمود بن صباح وابنه صباح وخليفة بن عبد الله بن صباح وعبدالله بن منصور آل سعدون وابنه ومن أهل بريدة صالح آل علي أبا الخيل وعبد الرحمن الربدي، وقتل من اتباع بن رشيد فيها من مشاهيرهم سالم بن حمود آل عبيد بن رشيد وأخوه مهنا (8).
كما ذكر الشيخ ناصر السليمان العمري في حديثه عن معركة الصريف ان ابن رشد قتل عبد الرحمن الربدي صبرا، وقتل معه ولده سليمان، وصادر اموال بيت الربدي، الذي كان أغنى بيت تجاري في القصيم، وقد أخذ منهم عبد العزيز بن رشيد سبعين ألف ريال فرانسي (9).
وأي كانت المبالغ التي صودرت فهي تدل على وجود سيولة نقدية كبيرة، يصعب تقدير قوتها الشرائية في هذا الوقت.
الشاعر حمد السبيعي أبو جراح، وهو من الشعراء الموالين لابن رشيد، يفرد بيتا لهجاء الربدي في قصيدة له عن معركة الصريف يمدح فيها ابن رشيد ويهجو ابن صباح وحلفاؤه، وفي القصيدة تأكيد على ان الربدي وعد ابن صباح بالمساعدة والتأييد في غزوه للمنطقة بهدف إخراج ابن رشيد منها، كما تشير القصيدة إلى ان الحازمي عامل بن رشيد على بريدة لم يكن له سلطة قوية على المدينة وان الأمور جرت دون علمه، وبتدبير من الربدي (10).
وكذلك قول سليمان المنيع قصيدة طويلة في مدح الأمير عبد العزيز بن متعب الرشيد بعد انتصاره في المعركة، وذم بعض حلفاء المعركة وبالذات اهل بريدة:
ما حسب ان أهل القصيم تبوقه..................وأثاري بريدة بايقة خطيبة
سلطان والربدي وسعدون نجموا...............ولاكل من صوت ايوافق مجيبة
ولاكل من يركب على العوص شافي............ولاكل بارود تصيب الضريبه
وهو هنا ذكر الربدي مع زعماء ومشايخ قبائل كبيرة مثل مطير والمنتفق، ويؤكد ذلك أهمية الدور والمكانة التي كانت للربدي في المعركة وفي منطقته.
[عدل]نتائج معركة الصريف :
وكان لنتائج معركة الصريف السلبية على اهل نجد، وأفعال ابن رشيد القاسية ضد أهالي وأعيان بعض المناطق ومصادرته الأموال من حلفاء آل سعود وغيرهم، ردود فعل قوية كان لها نتائج ايجابية ساهمت وساعدت على سرعة تنفيذ ما كان يخطط له الملك عبد العزيز من استعادة ملك الآباء والأجداد، وتوحيد البلاد, وذلك ما تحقق له بعد عشرة أشهر وعشرة أيام من نهاية الصريف، حيث تمكن من استرداد مدينة الرياض، ومن ثم استرداد بقية مناطق نجد في السنوات التالية:
ومع ان الحلفاء في معركة الصريف قد خسروا المعركة وتكبدوا خسائر بشرية ومالية كبيرة، إلا أن ابن رشيد وعلى الرغم مما حققه من نصر ساحق على أرض المعركة مني بخسائر كبيرة وفقد الكثير من الرجال ومنهم بعض أفراد أسرته المقربين، كما تزعزعت الثقة فيه وفقد عددا من الحلفاء أو المحايدين, وقدرت المصادر عدد القتلى في صفوف ابن رشيد ب400 قتيل، وهو عدد ربما لم يخسر ابن رشيد مثله في معركة واحدة، خاصة ان من بين القتلى عدد من كبار أقاربه وأفراد أسرته, وقد أورد الذكير الاختلاف حول عدد القتلى إلى ان قال: لكن القول المتوسط الخالي من المبالغة ألف ومائتين من الطرفين منهم ثمانمائة من جند ابن صباح والباقي من قوم ابن رشيد.
ويصف الذكير في تاريخه، التأثير السلبي لأفعال ابن رشيد عليه وتقلص نفوذه في نجد، تحت عنوان ثورة أهل شقراء وإخراجهم منصوب ابن رشيد بما يلي: في شهر الحج من هذه السنة يعني سنة 1320هـ كان في بلد شقراء كغيرها من البلدان حزبان مختصمان فحزب يميل إلى آل السعود وحزب يميل إلى آل الرشيد ولكن أعمال ابن رشيد بعد وقعة الصريف وجوره وعسفه وحدت الكلمة وجمعت القلوب فصارت الكلمة واحدة وقد صدق القائل بأن هذه الوقعة كان الظافر فيها مغلوبا,, في نتائجها وعواملها بل كانت هي السبب الأقوى لسقوط امارة ابن رشيد وتقلص نفوذه وقد رأينا مبادئ هذا الانقلاب حينما استولى ابن سعود على الرياض أطاعت له البلاد الجنوبية كلها دون أن يوجه لهم جندي واحد بل قدموا طاعتهم بطوعهم ورضاهم عن حب واخلاص, وكانت اعمال أمراء ابن رشيد في البلدان قد زاد الخرق اتساعا ومن هؤلاء الأمراء عبد الله الصويغ الأمير في شقراء من قبل ابن رشيد فقد اشتدت وطأته على أهل البلد وضيق عليهم الخناق وأخذ يحاسبهم عن أقوالهم إلى آخر ما ذكره الذكير.
ويرى فلبي ان المعاملة الانتقامية القاسية التي تعرض لها المهزوم من المنتصر جعلت اسم عبد العزيز ابن رشيد مكروها في كل أنحاء نجد، وان عبد الرحمن الفيصل الذي عاد آمنا إلى الكويت متنبئا ان نجدا سوف تعود قريبا إلى حكامها الحقيقيين نبوءة بدأ تحقيقها في السنة التالية على يد ابن كان القدر يخبئ له الكثير.
والحقيقة ان الأمير محمد العبدالله الرشيد عقب انتصاره الساحق على اهل القصيم في معركة المليدا 1308هـ لم يفعل في بريدة وبقية القصيم ما فعله خلفه الأمير عبد العزيز المتعب بعد الصريف, وغالبية قتلى المليدا كانوا في أرض المعركة، بينما الغالبية العظمى من قتلى الصريف من اهل القصيم أو الكويت وبقية الحلفاء كانوا بعد الهزيمة والاستسلام، ولم يعمد ابن رشيد بعد المليدا إلى التنكيل بالناس وسلب أموالهم، وحرق قراهم وقطع نخيلهم.
وفي كل الأحوال فالصريف تعتبر فاصلة بين مرحلتين حاسمتين في تاريخ الجزيرة العربيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ محمد بن ناصر العبودي، معجم أسر بريدة، ج 7،ص 55.
2 ـ محمد بن ناصر العبودي، معجم أسر بريدة، ج 7،ص 58.
3 ـ معالي الدتور / عبد العزيز الخويطر، وسم على أديم الزمن، ج 1، ص 119- 123.
4 ـ اشتهرت بمعركة الصريف، نسبة إلى روضة الصريف قرب بلدة الطرفية حيث وقعت المعركة، لذا تسمى أحيانا بمعركة الطرفية.
5 ـ ولد إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الربدي في اواخر العقد الخامس من القرن الثاني عشر وتوفي في شهر صفر 1348ه، وله من العمر حوالي مائة سنة، كان الملك عبد العزيز يزوره كلما قدم إلى بريدة، له اتصالات ومكاتبات معه، وله عدد من المواقف التي ليس هنا مجال ذكرها.
6 ــ محمد بن ناصر العبودي، بلاد القصيم، وناصر السليمان العمري، كتابة التاريخ، مجلة العرب.
7 ــ نقلا عن الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل بين معركة الصريف وحصار الملك عبد العزيز للرياض سنة 1318ه في كتابه مسائل من تاريخ الجزيرة العربية ص 172 173.
8 ــ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز آل بسام، تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق، ص 167، صورة من مخطوطة تاريخ ابن بسام.
9 ــ العمري، سبق ذكره، ص 130.
10 ــ القصيدة، منشورة في تاريخ اليمامة للشيخ عبد الله خميس، ج5، ص 370 371.
0 التعليقات:
إرسال تعليق